قصة الراهب والغلام والساحر !!! وكل عام وأنتم بخير

سورة البروج
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ
(16) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ
(19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
وروى الإمام مسلم فى صحيحهِ قال :
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ حَبَسَنِي أَهْلِي وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حَبَسَنِي السَّاحِرُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتْ النَّاسَ فَقَالَ الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمْ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنْ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي فَقَالَ إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ قَالَ رَبِّي قَالَ وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي قَالَ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ فَجِيءَ بِالْغُلَامِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ فَقَالَ إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَرَجَفَ بِهِمْ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَانْكَفَأَتْ بِهِمْ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ثُمَّ ضَعْ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ثُمَّ ارْمِنِي فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ

[b]بسم الله الرحمن الرحيم

الوقفة الأولى من وقفات قصةِ أصحاب الأخدود

[size=16][size=16]عند تأملنا لسورةالبروج نستطيع التوصّل لعدة حقائق واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء !!! أذكر منها مستعينا ً بالله :[/size]

[size=16]1 - قول الله تعالى ( قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) )

هذه الآيات المباركات تضع أمامنا صورة واضحة لأناس ٍ من أعداء أهل الإيمان انتكسوا وقست قلوبُهم حتى وصلوا إلى درجةِ الجلوسِ على مقربة ٍ من الأخاديد التى حفروها وأضرموا فيها النيران يشاهدون منظر المؤمنين وهم يلقون فى النيران ! بل ويتلذذون برائحة الشواء التى تتصاعد من أجسادهم المحترقة حتى وصل ما أحرقوه فى يوم واحد أكثر من مائة وعشرين ألفا ً ( 120000) ولاحول ولا قوة إلا بالله ، ونعوذبالله من أن نكون من أمثال هؤلاء المجرمين الظالمين

2 - قول الله تعالى ( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ

( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) )

تدلنا الآيات على إجابة واضحة لتساؤل ٍ قد يرد على أذهانِ بعضِنا : لماذا ينتقمون منهم كل هذا الانتقام ؟

فيكون الجواب : لأنهم آمنوا بالله العزيز الحميد الذى له ملك السموات والأرض

ثم ليكن معلوما لنا جميعا أن الله مطلع وشهيد على كل مايجرى لهؤلاء الضعفاء المبتلين من المؤمنين ( والله على كل شئ شهيد )

3 - وقول الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) )

هذا يدلنا على أن معركة الإيمان مع الكفر ليس لزاما أن تنتهى فى الدنيا بانتصارات المؤمنين على الكافرين !! بل كثيرا ما يكون الانتصار الحاسم فى الآخرة عندما يدخل المؤمنون الجنة ويذهب الكافرون والظالمون إلى النار ، وإن كنت أرى أن ثبات المؤمنين على دينهم والموت على ذلك ضرب من ضروب الانتصار أو نوع من أنواع المجد والخلود

4 - قول الله سبحانه ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ

(13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ

(14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16) )

فيه تنبيه لنا على أن الله سبحانه قادر على أن يأخذ هؤلاء المجرمين الظالمين ، ولكن لحكمة ٍ يعلمها الله ، علمناها نحن أم جهلناها ، وقع هذا الذى وقع للمؤمنين على أيدى هؤلاء الظالمين !!! ولعله الابتلاء الذى خُلق الإنسانُ لأجله ، ولعله لإثبات أن ظهورَ المؤمنين بالسيفِ والسنان ليس دائماً على الدوام ، وإنما الدائم هو ظهور الحجة والبرهان ، والنتائج ليست على المؤمنين وإنما عليهم بذل الأسباب عبادة لله ربهم

نسأل الله لنا ولكم الثبات على دينه ! دين الإسلام

وإلى الموقف التالى بمشيئة الله رب العالمين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[/size][/size]

بسم الله الرحمن الرحيم

----------

هذه وقفتنا الثانية مع قصة أصحاب الأخدود ننتقل فيها مراعاة ً للاختصار إلى حديث النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولنأخذ أول فقرة منه نتأملها ونستفيد منها والله المستعان

( كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ )

هذه حكاية واقعة وقعت فى أمة سابقة عبارة عن مملكةٍ ملكها يدّعى أنه ربّ لرعيتهِ ، ورعيتُه يعتقدون ألوهيتَه من دون الله . وكان لهذا الملك ساحر ، كما هو حال الكفرة والفجرة من الملوك والحكام على مرِّ الأزمان ! فالعلاقة وثيقة بينهم وبين السحرة

ومثال ذلك ماكان من أمر سحرة فرعون الذين كانوا يرهبون الناس ويعبّدونهم للفرعون وكذلك حال ملك قصتنا الكافر وحال ساحره الشرير

والذى يقوم بدور الساحر فى زماننا هو الإعلام الفاسد ، ولقد رأينا كيف استخدم جورج بوش رئيس أمريكا الأسبق !! كيف استخدم الإعلام فى بلاده فى خداع شعبه بل والكثير من شعوب العالم بخصوص الحرب على الإسلام أو الحرب على الإرهاب كما يقولون ، وبخصوص أسلحة الدمار الشامل فى العراق

والإعلام إذا فسد فإنه يغيّر الحقائق ويزيف الأمور

فيجعل مثلاً اللحية المأمور بها بنصّ أحاديث نبوية كثيرة ( أطلقوا ...أوفوا ... أرخوا ...اعفوا ... ) عبارة عن مجرد عادة كانت عند العرب فى الجاهلية

ويجعل النقابَ وسترَ جميعِ بدن المرأة كما هو حال أمهات المؤمنين وزوجات الصحابة الكرام رضوان الله عليهن أجمعين مجرد عادة بدوية أو عادة تركية أو عادة يهودية على مازعموه مؤخرا

ويجعل الختان جريمة قومية ينهى عنها القانون على الرغم من أن النبىّ صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الختان الخاتنة أم عطية وإنما قال لها أخفضى ولا تنهكى

ويجعل زيادة نسل المسلمين كارثة تهدد البشرية مع أن نبيَّنا ظنُّه بنا أننا نكثر نسلَنا ونحسّنه بل ورغّبنا فى التزوج من الودود الولود لأنه مكاثر بنا الأمم يوم القيامة والأمثلة كثيرة من واقع الإعلام السئ وإن من البيان لسحرا كما قال النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم

فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ

وهذه سنة الله فى الخلق ، ولكن هذا الشرير الذى أصبح على حافة القبر لم يرجع عن شرّه ولم يتب من سحره ، وإنما إصرارُه واضح على فسادِه وغيِّهِ ولذلك قال للملك :

فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ

والعجيب أنه طلب غلاما ولم يطلب رجلاً ، فالتعليم فى الصغر كالنقش على الحجر يعنى يثبت مع المتعلم ويستمر بخلاف التعليم فى الكبر فهو كالنقش على الماء وإن كان هناك كثيرون من الكبار أفضل فى تعلمهم من كثيرين من الصغار

والنبى صلى الله عليه وسلم قال ( علموا أولادكم .... ) وأعداؤنا أخذوا أولادنا بل والنوابغ منهم لكى يربوهم عندهم على موائدهم وتحت أعينهم ! فلما يرجعون يمدحون مارأوه من مظاهر وماعايشوه فى الغرب أو فى بلاد الكفار ! فرجع جدنا العزيز رفاعة الطهطاوى يمدح الرقص الذى شاهده أو مارسه فى أوروبا زالذى تلتصق فيه أجساد الرجال بأجساد النساء ورجع قاسم أمين ينادى بتحرير المرأة المسلمة كما هو الحال فى تحرير المرأة الأوروبية ، وعاد طه حسين يقول لو كان معى قلم أحمر لصححت به القرآن لظنه أن الحقيقة التاريخية ليست فى قصص القرآن ولكن فى قصص أساتذته من يهود ونصارى فى أوروبا

ولاشك أن كل شئ يتعلمه الإنسان ، فالخير يتعلمه والشر أيضا يتعلمه ، وإنما العلم بالتعلم ، [size=12]( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ )

وإلى اللقاء فى الوقفة الثالثة إن شاء الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

-------

هذه هى وقفتنا الثالثة من وقفاتنا المختصرة مع قصة أصحاب الأخدود ، أسأل الله أن يبارك فيها وفى قارئيها ( وماتوفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )

( كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ فَأَعْجَبَهُ )

رأينا كيف يحرص هذا الساحر الشرير على توريث الشر من بعده ، بدلاً من التوبة والندم والرجوع إلى الله ، فطلب من الملك غلاما ليعلمه السحر

فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ

من أين جاء بهذا الغلام ؟ أوليس له أب مسئول عنه ؟ أوليس له أم ؟ و" كلكم راع ٍ وكلكم مسئول عن رعيته "

كيف سمح الأب لابنه أن يذهب إلى الساحر ليتعلم الشر بدلاً من الذهاب إلى الراهب ليتعلم الخير ؟

فى زماننا نرى الأب يرسل ابنه إلى الإعلام الفاسد ليتعلم الشر بدلا ً من إرساله إلى ببيوت الله تعالى ليتعلم الخير

حتى إن الأم وهى حامل فى جنينِها كأنها تنظر إلى تليفزيونِ بيتِها قائلة ً ( إنى نذرتُ لك ما فى بطنى محرّرا ً فتقبّل مِنّى ) فيخرج إلى الدنيا متطلعاً إلى الساحر ليعلمَه والعياذ بالله

فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ

وهذا هو بصيص النور فى كل ذلك الظلام الدامس ، الراهب الذى يمثل دين الله الحق فى هذه المملكة الكافرة ! ولكن ماهو دين الحق ؟ والجواب : هو دين الإسلام ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّه[size=16]ِ الْإِسْلَامُ ) ( [b][size=25][size=16]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ! ولايقول قائل : كيف الإسلام وراهب القصة يدلنا على أنها فى نفر ٍ من أتباع دين المسيح !!! لأننا سنقول له : إن دين المسيح هو الإسلام !!! ومن أدلة ذلك أنه لما قال للحواريين : (...[/size][/size][/size]مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) والمسيح هو من علّمهم الإسلام لأنهم تلاميذه وليس لهم معلم غيره ، والإسلام هو دين جميع الأنبياء والمرسلين مع اختلاف شرائعهم ! لأن عقائدهم واحدة فى معبودهِم الواحد الأحد وفى اليوم ِالآخِر وفى الحساب وفى النعيم وفى العذاب ويكفى أن نسوق من موضع ٍقرآنيّ واحد ليدلنا على هذه الحقيقة الغالية وهى قول الله سبحانه من سورة البقرة ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مسلِمون (136) وفى هذا دليل على أننا نحن المسلمين لنا إخوان كثيرون من أتباع الأنبياء والمرسلين على مَرّ الدهور والعصور كانوا مثلنا مسلمين ، ومنهم مسلمو قصة أصحاب الأخدود[/b]

[b]وأكتفى بهذا القدر حتى نلتقى على خير إن شاء الله فى الوقفة الرابعة[/b]

[b]وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته[/b]

[/size][/b]